
عطية مرجان ابوزر
الحمد لله رب العالمين والصلاة على خاتم النبيين والسلام على الأنبياء جميعهم والمرسلين وبعد:
أسماء الله تعالى كلها حسنى,
وصفاته كلها عليا, .أنزل الله
تعالى كتابه الكريم وأخبرنا
فيه عن أسمائه وصفاته, التي
أراد إبلاغنا بها وابلغنا
سبحانه ان له الأسماء الحسنى
في أربعة آيات هي:
1- وَلِلّهِ الأَسْمَاء
الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا
وَذَرُواْ الَّذِينَ
يُلْحِدُونَ فِي أسمائه
سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ
يَعْمَلُون َ(سورة
الأعراف، الآية 180)
2- قُلِ ادْعُوا اللَّهَ
أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ
أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ
الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ
وَلَا تُخَافِتْ بِهَا
وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ
سَبِيلًا (سورة
الإسراء، الآية 110)
3- اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ
الْحُسْنَى (سورة طه،
الآية 8)
4- هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ
الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ
الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ (سورة
الحشر، الآية 24)
ثم أمرنا أن ندعوه بها فقال
: وَلِلّهِ
الأَسْمَاء الْحُسْنَى
فَادْعُوهُ بِهَا" و
قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " لله
مائة اسم إلا واحد من أحصاها
وعمل بها دخل الجنة" واجمع
الرواة على ان رسول الله لم
يذكرها على مسامع صحابته
مجتمعه وترك أمر إحصائها
للمسلمين ليجتهدوا في طلبها
ورغم ذلك ادعى بعض الرواة أن
رسول الله أحصاها وذكرها
فأدعى البعض نقلها بتا
بالتواتر إلا أن ذلك الادعاء
لم يصح عن أحد بدليل عدم
اتفاق اثنين منهم على صحة
رواية ما فكان من المدعين
خمسة عشر محدثا لم يتفق أي
منهم مع الأخر.
لذلك نرى إن باب البحث في هذا الأمر لم يغلق و لازال على المسلمين وجوب البحث والإحصاء وعدم الركون الى أي قائمة من القوائم المنتشرة إذا لم يثبت في إي منها اكتمال إحصاء الأسماء التسعة والتسعون من نصوص وكلمات القران لقول الله تعالى سورة يس - وكل شيء أحصيناه في إمام مبين (12سورة يس) وقوله - ما فرطنا في الكتاب من شيء
الغيب و عالم الغيب والشهادة والله علام الغيوب
الحمد لله رب العالمين ، أحاط بكل شيء علماً ، وأحصى كل شيء عدداً ،
والصلاة والسلام على النبي الأمي الكريم وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً .
الغيب هو :- (فالغيب : ما غاب عن الناس ، والشهادة : ما شهدوه وأبصروه
وعاينوه ، فهو الباطن من الأخبار اللا معلومة للإنسان والتي هي من علم الله
وحده و التي هي عنده :" وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا
إِلاَّ هُوَ .." والغيب مسطور محفوظ عند الله سبحانه " فِي كِتَابٍ
مُّبِينٍ [الأنعام : 59] ونعلم بحمد الله أن العالم الذي خلقه الله عز وجل
يقسـم قسمين:
1- عالم غيبي.
2- وعالم مشهود.
فكل شيء يقع تحت حواسنا - عالم مشهود - ، كالمرئيات، والمسموعات، والمشموم ، وكل شيء يقع تحت حواسنا الخمس أو تدركه حواسنا فهو عالم مشهود.لكن هناك عالماً لا تدركه حواسنا ولكننا نستطيع أن تتبين أثره، كمثل الكهرباء فنحن لا نستـطيع أن نـراها بـالعين، لكن دوران المروحة وإضاءة المصباح أثر من آثار الكهرباء، والمذياع والتلفاز، وما دمنا قد أدركنا آثارها فإننا نحكم بوجودها، وهناك أشياء موجودة لا تستطيع حواسنا إدراكها لكن آثارها دالة عليها, وهذا عالم آخر غابت عنا ماهيته، وظهرت لنا آثاره، فنحن نحكمُ بوجوده.انه عالم الغيب .وهو المُخبرعن دلالاته من الله تعالى للناس بالصفات دون الاطلاع على الماهية والكيفية والزمنية بدليل قوله سبحانه "... وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ.." [آل عمران : 179] وعلم الله تعالى بالغيب يحتوي على على كل ذرة من الخلائق "قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [سبأ : 3] كذلك هو عالم ما في الصدور وكل البواطن " إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [فاطر : 38
ولفهم قضية الغيب , وهذه قضية قرآنية بحته , نأخذ مثلا قطعتان من الحديد ( بقياس واحد، وحجم واحد، ووزن ولون وتشكيل واحد) ، إن العين ترى القطعتين بحجميهما ولكنها لن تستطيع التفريق بينهما من حيث الشحن المغناطيسي الكامن فيهما , فنقول أن إحداهما مشحونة بقوة مغناطيسية والثانية غير مشحونة، فإذا قربنا قطعة معدن صغيرة من القطعة المشحونة تجذبها، إذاً نحكم بوجود قوة في القطعة الأولى، ونحن بحواسنا الخمس لا نستطيع أن ندرك هذه القوة، ولكن نستنتج أن في هذه القطعة قوة قطعية الثبوت ولكننا لا نستطيع بحواسنا الخمس أن ندركها، إذاً فالعالَم عالَم مشهود، وعالَم غيبي، ووجود العالم الغيبي ليس أقل من وجود العالم المشهود، بل ربما كان العام الغيبي أكثر وجوداً من العالم المشهود، فالحيوانات تتعامل مع العالم المشهود، لكن الإنسان بما أُوتي من فكر يستطيع أن يتعامل مع العالم الغيبي، وقد قال ربنا عز وجل في كتابه العزيز:" الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون"َ قال ديكارت كلمة: أنا أفكر فأنا موجود، استنتج حقيقة وجوده من تفكيره , وعن عَامِرٍ أَوْ أَبِي عَامِرٍ أَوْ أَبِي مَالِكٍ ((أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَصْحَابُهُ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام فِي غَيْرِ صُورَتِهِ يَحْسِبُهُ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ ثُمَّ وَضَعَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِسْلامُ فَقَالَ أَنْ تُسْلِمَ وَجْهَكَ لِلَّهِ وَأَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَتُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ قَالَ فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ أَسْلَمْتُ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ مَا الإِيمَانُ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَالْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَالْقَدَرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنْتُ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ مَا الإِحْسَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ كُنْتَ لا تَرَاهُ فَهُوَ يَرَاكَ قَالَ فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ أَحْسَنْتُ))( أخرجه الإمام أحمد في المسند)
حضيت صفة العلم في نصوص القرآن بمكانة خاصة ؛ لأنها مرتبطة ارتباطاً شديداً بمسؤولية الإنسان، ووقوفه أمام الله جل وعلا ، وما ينبني عليها من الإحساس بمراقبة الله على أعمال الإنسان الظاهرة والباطنة ، ولذلك نجد الإشارة إليها تتخلل آيات القرآن من أوله إلى آخره ، مع التركيز على علم الله لأفعال العباد وتأتي الآيات الكثيرة في كتاب الله لتذكر بأن ّالله عالم بالعباد ، وآجالهم وأرزاقهم وأحوالهم وشقائهم وسعادتهم ، ومن يكون منهم من أهل الجنة ، ومن يكون منهم من أهل النار قبل أن يخلقهم ويخلق السموات والأرض ولذلك كان من أسماءه الحسنى اسم " عالم الغيب والشهادة" اسم علم متضمن كامل الصفات العليا من القدرة والوحدانية والعزة والحكمة والرحمة وكل ذلك نستدل عليه من الآيات القرآنية المتعلقة :
ِ عالم الغيب :- اسم من الأسماء الحسنى , الله سبحانه هو صاحب الغيب ومقدره
وعالمه وعلم الغيب منطبق ومتضمن في اسم من أسماء الله تعالى وهو عالم الغيب
والشهادة بدليل قوله "....عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ
الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [الأنعام : 73] وقد جاء هذا الاسم في 12 آية من آيات
القرآن ومن الملاحظ أنه لم يقع لفظ « عالم » وصفاً لله سبحانه في القرآن
إلاّ مضافاً تارة إلى الغيب والشهادة ، وأخرى إلى الغيب وحده ، وثالثة إلى
غيب السموات والأرض :-
-
"عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ [الرعد : 9]
-
".... عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [الأنعام : 73
-
ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [السجدة : 6]
-
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [الحشر : 22]
-
"عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [التغابن : 18]
-
"عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً [الجن : 26]
-
"...عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [سبأ : 3]
-
"...تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [التوبة : 94]
-
"عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [المؤمنون : 92]
-
"قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [الزمر : 46]
"قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الجمعة : 8]
نلاحظ أن :-
الآيات الخمس الأولى 1-5 جاءت كباقات كاملة لعدد من أسماء الله الحسنى هي الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ, الْحَكِيمُ الْخَبِير , ُالْعَزِيزُ الرَّحِيمُ , الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ , الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ , وقد جاء اسم عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ متقدما عليها جميعا في الترتيب, مع ملاحظة أن الآية الرابعة " هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [الحشر : 22] اشتملت على باقة من أعظم الباقات لأسماء الله الحسنى والتي اشتملت على اسم الإشارة " هو " المختص بالتأكيد والتنبيه تبعة لفظ الجلالة الأعظم " الله" ثم لفظ التوحيد الذي هو شرط الإسلام ثم عاد رب العزة ليذكر اسم الإشارة " هو " تشديدا على التأكيد بان الاسم التالي هو من أسماءه الحسنى فجاء باسم عالم الغيب والشهادة وتبعه باسمي البسملة الرحمن الرحيم , فبات الإعجاز قائما لمن يحاول إنكار هذا الاسم على الله أن يبرر إنكاره لا أن يثبته ؟!
كذلك نلاحظ الآيتان ( 1 و 9) قد ذكرتا الله عالم الغيب والشهادة ( المتعالي) فاختصتا بهذا البيان .
كذلك تكرر ارتباط اسم عالم الغيب والشهادة باسم الرحيم كما جاء مكررا في الآيات 3و4
أما ارتباطه باسم الحكيم أيضا فكان مكررا في الآيتين 2و5
كذلك تكرار ارتباطه باسم العزيز كما في الآيتين 3و5
لا شك إنّ هذه الآيات بصدد حصر العلم بالغيب والشهادة لله سبحانه فكيف يصحّ حصر « العلم » بالغيب والشهادة مع أنّ العلم بالشهادة متاح لكلّ ذوي حس؟ و كيف اجتمع العلم يبعضه للأنبياء والرسل مع حصره في الله سبحانه ؟ لمعرفة ذلك نذكر إنّ اطّلاع الأنبياء على الغيب بإذن منه سبحانه لا يضرّ بحصر علم الغيب على الله فإنّ المحصور من العلم ، غير المشترك.
بكل هذا البيان القرآني العظيم ندلل على أن اسم عالم الغيب والشهادة هو أحد الأسماء الحسنى القرآنية .وقد لاحظنا أن الآيات اشتملت على مراتب العلم الإلهي بأنواعه التي منها
علمه تعالى بالشيء قبل كونه ، وهو سر الله في خلقه ، اختص الله به ذاته .
علمه بالشيء وهو في اللوح المحفوظ بعد كتابته وقبل إنفاذ أمره ومشيئته , المخلوقات في اللوح قبل إنشائها كلمات ، وتنفيذ ما في اللوح من أحكام تضمنتها الكلمات مرهون بمشيئة الله في تحديد الأوقات التي تناسب أنواع الابتلاء في خلقه .
علمه بالشيء حال كونه وتنفيذه ووقت خلقه وتصنيعه (يعلم مايلح في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور) [سبأ:2] .
علمه بالشيء بعد كونه وتخليقه وإحاطته بالفعل بعد كسبه وتحقيقه .(وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) [الأنعام:59]
علمه بالنهايات جميعها (كيفيتها ووقتها ومصيرها ) قال تعالى : َاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ [محمد : 1
« علاّم الغيوب »
ورد في الذكر الحكيم اسم علام الغيوب أربع مرّات.
قال سبحانه : حاكياً عن المسيح : ( تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( المائدة / ١١٦ ).
وقال سبحانه : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( التوبة / ٧٨ ).
وقال سبحانه حاكياً عن الرسل : ( قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( المائدة / ١٠٩ ).
وقال : ( إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( سبأ / ٤٨ ).
نلاحظ من الايات أن الله تعالى لم يسم ذاته العليا بهذا الاسم بل كان جميعه واردا على ألسنة الأنبياء عليهم السلام .فكان من صفاته سبحانه.
وسيلة الإخبار بالغيب :- الإخبار الإلهي للناس على دلالات الغيب يكون بواسطة (الوحي ): بدليل قول علام الغيوب " ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيك.... [آل عمران : 44]
الإيمان بالغيب شرط من أشراط الإيمان الستة بدليل قوله " الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ .."[البقرة : 3] وقد ارتبط بالصلاة المفروضة "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [البقرة : 3]
عالم الغيب أيضاً قسمين :- قسم استأثر الله بعلمه و قسم يمكن أن ينتقل من عالَم الغيب إلى عالَم الشهادة.
فمثالا نقول ما كان للإنسان قبل الصعود إلى القمر أن يعرف شيئا عن وجه القمر الآخ فلما هبطت المركبة الفضائية على الوجه الآخر للقمر والتقطت صوراً له، انتقل هذا الغيب المعرفي من عالم الغيب إلى عالم الشهادة بالنسبة للمعرفة الإنسانية ، وعليه فإن هناك أشياء كثيرة تنتقل من عالم الغيب إلى عالم الشهادة حسب الاكتشافات العلمية والتقدم العلمي، وهذا لا يمنع أن نفاجأ بكشفٍ من قبل من عالم الغيب، فأصبح الآن في عالم الشهود.
من المعلوم أيضا أن الأشياء الغائبة أحيانا تُعرف بأضدادها: إنّما نعرف النور لأنّ هناك ظلمة، فالنور قد يوجد وقد لا يوجد فهو محدود بمكان وزمان. و قد يكون هناك أشياء بالنسبة إلينا من عالم الغيب، فالجن بالنسبة لنا من عالم الغيب، فقد أخبرنا الله بوجوده، أما الجن فبالنسبة لبعضهم هو مِن عالم الشهادة، أي إن هناك أشياء إذا قيست بالنسبة للإنسان فهي مِن عالم الغيب، وإذا قيست بالنسبة للجن فهي من عالم الشهود، فالعالَم الغيبي بعضه يمكن أن يصبح من عالم الشهود، وبعضه مما استأثر الله بعلمه وهو ما سيكون، أما الكائن فهو معروف..
من أنباء الغيب المُخبر عنه بالوحي :- " ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ .... [آل عمران : 44]
الذات الإلهية : من الغيب الواجب الإيمان بها , والمعلومة بتدبر آيات الله , وبالوحي المنزل والله هو علام الغيوب سبحانه وهو القائل".... إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ...[البقرة : 33]
الروح : هناك علم يُدعَى العلم الاستدلالي,، وبه نستدل على الغيبيات القريبة كالروح فالروح أقرب شيء لنا من العالم الغيبي.وللاستدلال على الروح ننظر إلى ميت وزنه 70كلغ مثلا وقد خرجت منه روحه فهل نجد أن وزنه قد قل ولو غراما واحدا؟ يقل وزنه غراماً واحداً، فما الذي فَقَدَه ؟ هو الروح، ومع أن الروح موجودة بالبداهة في يقين كل منا فلا نستطيع أن نلمسها بيدنا ولا أن نراها، ولا أن نسمع صوتها ولا نشمَّها، لا صوت لها ولا رائحة ولا شكل، ومع ذلك فهي موجودة،انظر بحث الروح وأسرارها .
الساعة : - وقد أخبر الله تعالى بها وببعض أشراطها دون الأخبار عن زمنها ومكانها وكيفيتها رغم وصف بعض أحوالها - الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء : 49]
يوم القيامة : أخبر الله تعالى به وببعض أحواله دون الأخبار عن زمنه فكان من الغيب -
الملائكة :- أخبر الله تعالى عنهم وأخبرنا عن أسماء بعضهم كجبريل عليه السلام ووصف بعضا من أوصافهم فكانوا من الغيب الذي لم يراهم الناس إلا الأنبياء والرسل -
الجن :- أخبر الله تعالى عنهم وأخبرنا عن علاقتهم ببعض الناس وقص علينا من قصصهم ولكنهم بقوا من الغيب الغير معروف لعموم الناس, وحول اعتقاد بعض الناس أن الجن يعلمون الغيب فذلك منكر تماما في القرآن بدليل ما كان منقصة الجن مع موت سليمان عليه السلام "فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ [سبأ : 14]
الجنة - دار السلام - :- أخبر الله تعالى عنها وأخبرنا عن بعض أحوالها وأهلها " جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً [مريم : 61]
النار - دار الخسران - :- أخبر الله تعالى عنها وأخبرنا عن بعض أحوالها وأهلها
الأعراف : من ديار الآخرة أخبر الله تعالى عنها وأخبرنا عن بعض أحوالها وأهلها
أخبار ما قبل الخلق وخلق الكون وأحواله كخلق السموات والأرض ".إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف : 54]
أخبارا لخلق الأول , كخلق آدم وحاله في الجنة ونزوله للأرض كمثال الآية " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة : 30]
أخبار القرون والأمم الفانية و الإشارة إلى آثارها وقصصها مثال قصة أهل الكهف :" سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً [الكهف : 22]
أخبار مكر المنافقين وما كانت تكنه أنفسهم ومكرهم الباطن ,’ التي أخبرها الله تعالى لنبيه " ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [يوسف : 102
أخبار الأنبياء والرسل وما أوتوا من معجزات , لقد أحتوى القرآن على تفصيل تأريخي للأنبياء والمرسلين السابقين وهو التاريخ الذي لم يكن يعرف العرب عنه شيئاً سوى الأحبار اليهود والرهبان النصارى ، وكانوا هؤلاء على خلاف فيما بينهم ، أما أمة العرب فقد كانوا أميين لا يعلمون شيئا عن تلك الأخبار، فلما جاءهم النبي محمد(ص) بتاريخ الرسل والأنبياء مفصلاً، أعترف به الرهبان والأحبار وصدقوه فيما روى عن ربهِ ، وخرج الكثير منهم من دين كانوا علماءه وتبعوا محمداً(ص). قال تعالى:- " تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا ...)، سورة هود آية 49.
علوم بواطن الأرض والسموات والبحار : وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [الأنعام : 59]
ومن هذه الأنباء :-
ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [آل عمران : 44] انظر قصة مريم عليها السلام
قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ [البقرة : 33] انظر قصة آدم عليه السلام.
وقال تعالى " ]يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [التوبة : 94]
سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً [الكهف : 22] انظر قصة أهل الكهف " قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً [الكهف : 26]
وقد جاء في القرآن أن أحسن بيان للكشف عمن يؤمنون بالغيب فقال تعالى أنه الابتلاء " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المائدة : 94] ِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ [يس : 11]
ماذا لو علم الإنسان الغيب :
-
كانت إجابة هذا السؤال على لسان النبي الكريم بتعليم من الله تعالى له : فقال " قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف : 188]
وكذلك ورد في القول المشهور المنسوب لأمير المؤمنين علي عليه السلام: "لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً.
الإيمان بالغيب هو بالضبط النقطة الفاصلة الأولى بين المؤمن والملحد، ومن هنا كان الإيمان بالغيب أول سمة ذكرت للمتّقين. المؤمنون خرقوا طوق العالم المادي، واجتازوا جدرانه، إنّهم بهذه الرؤية الواسعة مرتبطون بعالم كبير لا متناه. بينما يصرّ معارضوهم على جعل الإنسان مثل سائر الحيوانات، محصوراً في موقعه من العالم المادي. وهذه الرؤية المادية تقمّصت في عصرنا صفات العلمية والتقدمية والتطورية! و لو قارنّا بين فهم الفريقين ورؤيتهما، لعرفنا أن: «المؤمنين بالغيب» يعتقدون أن عالم الوجود أكبر وأوسع بكثير من هذا العالم المحسوس، وخالق عالم الوجود غير متناه في العلم والقدرة والإدراك، وأنّه أزليّ وأبديّ. وأنّه صمّم هذا العالم وفق نظام دقيق مدروس. ويعتقدون أنّ الإنسان ـ بما يحمله من روح إنسانية ـ يسمو بكثير على سائر الحيوانات. وأنّ الموت ليس بمعنى العدم والفناء، بل هو مرحلة تكاملية في الإنسان، ونافذة تطل على عالم أوسع وأكبر.
بينما الإنسان المادي يعتقد أن عالم الوجود محدود بما نلمسه ونراه. وأن العالم وليد مجموعة من القوانين الطبيعية العمياء الخالية من أي هدف أو تخطيط أو عقل أو شعور. والإنسان جزء من الطبيعة ينتهي وجوده بموته، يتلاشى بدنه، وتندمج أجزاؤه مرّة أخرى بالمواد الطبيعية. فلا بقاء للإنسان، وليس ثمّة فاصلة كبيرة بينه وبين سائر الحيوانات !
الرؤية الأولى - رؤية الإيمان بالغيب- تربّي صاحبها على أن ينشد الحق والعدل والخير ومساعدة الآخرين. والثانية، لا تقدّم لصاحبها أي مبرّر على ممارسة الأمور اللهم إلاّ ما عاد عليه بالفائدة في حياته المادية. من هنا يسود في حياة المؤمنين الحقيقيين التفاهم والإخاء والطّهر والتعاون، بينما تهيمن على حياة الماديين روح الاستعمار والاستغلال وسفك الدماء والنهب والسلب. ولهذا السبب نرى القرآن يتخذ من «الإيمان بالغيب» نقطة البداية في التقوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقكم يسعدنا فلا تحرمنا رؤية ما تكتبون لتا